تحتل منطقة عسير الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية بمساحة تصل إلى نحو ثمانين ألف كيلو متر مربع، تمثل حوالي 4% من إجمالي مساحة المملكة، وتقع منطقة عسير بين دائرتي عرض 17.25 و19.50 شمالا، وخطى طول 50,00 و41,50 شرقا، وتمتد المنطقة من حدود الدرب والشقيق وبيش "منطقة جازان" في الجنوب الغربي إلى حدود اليمن في الجنوب الشرقي ونجران في الشرق، ومن حدود وادي الدواسر "منطقة الرياض" في الشمال إلى رنية والقنفذة وساحل البحر الأحمر "منطقة مكة المكرمة"، إلى "منطقة الباحة" في الغرب.
ولفظة "عسير": اسم طرأت عليه تحولات دلالية تابعة للتحولات التاريخية، إذ أطلق على قبيلة، ثم على إمارةٍ، ثم على إقليمٍ، ثم على منطقةٍ إداريةٍ سعودية، ثم صار - عند بعض الكتاب والباحثين الشباب المهتمين بثقافة المكان وأبعادها الحضارية - يطلق على ثقافةٍ مجتمعية لها مميزاتها الخاصة المستمدة من سمات المكان بوصفه بيئة استقرار، ولا يعني – عند هؤلاء – ثقافة القبيلة، وإنما يعني ثقافة المكان\ الإقليم
وعليه، فقد أحدثتْ تحولات مدلولات الاسم، دمجاً في الربط بين الدال ومدلولاته المختلفة، ليتماهى الدمج مع الخلاف حول سبب هذه التسمية، ومداها الزمني التاريخي، ومع الخلاف حول أسباب تعدد مدلولات اللفظة، وضيق مدلولها واتساعه، تبعا للتحولات التاريخية، المفضية إلى تعدده الترددي بين: القبيلة، والإمارة، والإقليم، والمنطقة.
وعند البحث في التحولات التاريخية لدلالات لفظة: عسير، نجدنا أمام أقوال تتباين من حيث: الإطلاق العام دون أساساتٍ تاريخية، أو التخصيص المبني على إشاراتٍ مصادرية ثابتة، إذ يرى بعض المؤرخين أن إطلاق لفظة: عسير على المكان أو "الإقليم"، اصطلاحٌ جغرافي حديث,( فلم يذكرها الرحالة الأوائل "إقليما" بهذا الاسم, بل إنهم كانوا يتبعونها للأقاليم المجاورة كالحجاز واليمن, ومن ذلك أن الرحالة الإدريسي عد بعض الأماكن في عسير ضمن مخاليف الحجاز التابعة لمكة المكرمة, فذكر منها: جرش، والسراة، وبيشة.
وعلى الرغم من وجود تطورٍ دلالي واضح للفظة، إلا أن بعض من كتبوا عن عسير، يرون أن اسمها "مشتق من العسر لصعوبة مسالكها"(, وهو تعليلٌ سطحي غير منهجي، لكنه منتشر. وسطحيته عائدة إلى كونه يعلل التسمية بناء على المرحلة الثانية من تطور اللفظة الدلالي، وهذا يعني أنه غير مبني على قراءةٍ تدرجية حقيقيةٍ في تطور اللفظة دلاليا، ولذا جاء متناقضا مع ما تذكره المصادر من وجود قبيلةٍ، أو وجود رجلٍ بهذا الاسم.
وهنا، نقرر بثقةٍ كاملةٍ أن هذا التعليل يجب أنْ يمحى من الأذهان، وأنه يتحتم على الدارسين عدم الاعتداد به؛ لأن الأصوب أن ينطلق البحث في سبب التسمية من منطلقه الأول الثابت في المصادر، وهو الدلالة على قبيلةٍ ذات مكونٍ بشري معروفٍ، اسمها: عسير، لا مما آلتْ إليه اللفظة في مراحل تالية، وهو الدلالة على إقليم كبيرٍ يتسع وينحسر، اسمه: عسير.
جميع الحقوق محفوظة للغرفة التجارية الصناعية بأبها © 2019